صوتها – بغداد
بعد عرض المسؤولين العراقيين تقريرا عن خطة الحكومة، لتجاوز تداعيات الحرب، وإعادة اعمار البنى التحتية والفوقية للمدن المتضررة من الارهاب، والتي بلغت اكثر من 180 بلدة، شملت محافظات في الوسط وغرب البلد وشماله، ركزت أبرز تعهدات المنظمات الدولية والمانحين على المشاركة في تعافي الوضع الانساني، حيث بغت المنح المالية 330 مليون دولار، أغلبها كانت للصليب الاحمر.
وهنا تقول ليز جراند منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في العراق، “إذا لم يساعد المجتمع الدولي حكومة العراق لإعادة الاستقرار المناطق التي دمرتها الحرب، فان المكاسب ضد داعش قد تكون في خطر”.
ويعول العراق الذي دمرته الحروب منذ الثمانينات، والحصار منذ اجتياح الكويت عام 1990، وما حدث خلال وبعد 2003 من تهديم للبنى التحتية وعلى كافة الاصعدة، على المانحين الدوليين وخصوصا القطاع الخاص، لتجاوز تبعات وتداعيات اعمال العنف.
ويأمل العراقيون من المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام بمساهمات سخية لشركات استثمارية دولية ورؤوس أموال خاصة في عملية اعمار بلدهم من خلال مشاركة أكثر من 70 دولة و 3200 شركة استثمارية والعشرات من أصحاب رؤوس الأموال من مختلف دول العالم لجمع 100 مليار دولار، وهذا يشمل إعادة البناء والتأهيل وتنفيذ مشاريع جديدة بينها استراتيجية مهمة، تستغرق عشر سنوات.
ويقول مدير عام وزارة التخطيط، قصي عبد الفتاح، ان اعادة اعمار العراق تتطلب جمع 22 مليار دولار “بشكل عاجل”، و66 مليار دولار اخرى على المدى المتوسط.
وانطلقت، أمس الاثنين، أعمال مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، بمشاركة المئات من كبريات الشركات والمنظمات الدولية والمؤسسات المالية العالمية.
يذكر أن الجلسة الافتتاحية للاجتماع شارك فيها كل من مدير عام الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية عبد الوهاب البدر وأمين عام مجلس الوزراء العراقي مهدي العلاق ورئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية في العراق مصطفى الهيتي، إضافة إلى مدير عام الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي عبد اللطيف الحمد.
وأعلن وزير التخطيط سلمان الجميلي في افتتاح المؤتمر، أمس الاثنين، إن “العراق بحاجة إلى 88.2 مليار دولار لإعادة بناء ما دمرته النزاعات وآخرها الحرب ضد تنظيم داعش”.
فيما قال رجا أرشاد ريحان ممثل البنك الدولي، ان “قطاع الاسكان في العراق يحتاج الى 17,4 مليار دولار، وقطاع التعليم الى 4,5 مليارات، وقطاع الصحة 4,3 مليارات”.
واضاف، ان “اعادة بناء قطاع التجارة تحتاج الى 10,6 مليارات دولار، وقطاع الطاقة والنفط والغاز الى 16,3 مليار دولار”.
وسبق للعراق، ثاني أكبر منتجي النفط في منظمة الدول المصدرة “أوبك”، أن كثف من دعواته للمستثمرين حول العالم للمساهمة في إعادة الإعمار، ويعتزم خصوصا الاعتماد على احتياطه من النفط، الذي لم يستغل بشكل كامل بعد.
يذكر ان خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، توقع رئيس الوزراء حيدر العبادي أن يكلف المشروع الضخم لإعادة إعمار البلاد مئة مليار دولار، وهو المبلغ الذي يأمل العراق أن يجمعه من مؤتمر الكويت.
فيما تخلل جلسات اليوم الاول المخصصة للمنظمات غير الحكومية اعلان عدد من هذه المنظمات، ومعظمها كويتية، عن تعهدات لدعم الوضع الانساني في العراق بلغت قيمتها الاجمالية اكثر من 330 مليون دولار، وجاءت اكبر التعهدات من اللجنة الدولية للصليب الاحمر وبلغت 130 مليون دولار.
وقال مصطفى الهيتي، مدير صندوق اعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية، ان العراق بدأ “ببعض الخطوات لإعادة الإعمار، لكن لم نستطع إنجاز اكثر من واحد بالمئة مما يحتاج اليه العراق”.
وأضاف، “نريد مساعدات واستثمارات لإعادة الخدمات والبنى التحتية”، مشيرا الى “وجود 2,5 مليون نازح بحاجة للمساعدة، وتضرر 138 ألف منزل ودمار أكثر من نصف هذا العدد جراء الحرب مع تنظيم داعش”.
وينظر الاجتماع في خطط التعافي وإعادة إعمار المناطق المتضررة في العراق والاحتياجات التمويلية وتقدير الخسائر والاحتياجات إلى جانب ونشاط صندوق إعادة الإعمار في المناطق المحررة والبعد الاجتماعي لإعادة الإعمار وإعادة التأهيل الاجتماعي في تلك المناطق.
ومن المقرر أن تعقد خلال الاجتماع جلسات نقاشية متتالية تتناول البعد الإنساني لإعادة الإعمار والحوكمة والمحاسبة إلى جانب التعافي والتعايش السلمي فضلا عن دور مؤسسات التنمية الدولية في إعادة الإعمار ودور العون العربي في هذا الشأن.
وتتطرق الجلسات النقاشية إلى آلية الائتمان الألمانية لدعم عودة نازحي الداخل في العراق ودور الوكالة اليابانية للتنمية الدولية في دعم عمليات إعادة الإعمار في العراق والمناطق المتحررة، إضافة إلى رؤية مجموعة البنك الإسلامي للتنمية حول دعم الإعمار في العراق.
بدورها، ترى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، أن “على مؤتمر الكويت ان يدعم العودة الطوعية للنازحين الذين فروا من منازلهم بسبب العمليات العسكرية ضد المقاتلين المتطرفين”.
واعتبرت المفوضية في بيان تلقت “صوتها” نسخة منه، أن “مؤتمر الكويت يوفر منبراً رئيسيا لإعادة التأكيد على أهمية العودة الطوعية والآمنة والمستدامة للنازحين العراقيين وكذلك لجمع الموارد لدعم جهود الحكومة في تحقيق هذا الهدف”.
ويترافق انعقاد المؤتمر في يومه الثاني مع اجتماع لوزراء خارجية الدول الاعضاء في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، وبينهم وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون ونظيره الفرنسي جان ايف لودريان.
وعشية الاجتماع، زار لودريان بغداد للتباحث مع المسؤولين العراقيين حول اعادة الاعمار وضمان استقراره بعد الهزيمة العسكرية لتنظيم داعش.
والتقى لودريان كلا من رئيسي الجمهورية والبرلمان ووزير الخارجية، وناقش معهم عدة ملفات تخص المجالات الاقتصادية والاستثمارية والاكاديمية بين البلدين وكذلك المشكلات بين بغداد وأربيل.
ويعقد مؤتمر إعادة إعمار العراق خلال الفترة من 12 إلى 14 شباط/ فبراير الجاري بمشاركة عدد من الدول المانحة والمنظمات الدولية والإقليمية وسيكون برئاسة خمس جهات هي الكويت والعراق والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي.