مقتفو الأثر.. سلاح بشري يطارد “داعش” في جحورهم

صوتها – بغداد

في وادٍ ضيَّق عمق تلال حمرين بمحافظة ديالى، تقف مفرزة قتالية من الحشد العشائري بانتظار رجل أربعيني لفَّ حول رأسه شماغ ويحمل عصا رفيعة من شجر الرمان، يطلقون عليه اسم مقتفي آثار عناصر تنظيم داعش الإرهابي لما يملكه من خبرة واسعة في قراءة خفايا الأرض وتعقب الآثار.

وقال أبو موسى (مقتفي الأثر) وهو ينظر بدقة إلى آثار أقدام على تراب هش تتجه نحو عمق تلال حمرين شمالي المحافظة “إنها تعود لمسلحي داعش، كانوا هنا قبل فترة قليلة، وهربوا”، ثم يطلب من بقية أفراد مفرزة الحشد العشائري الانتباه والحذر من الكمائن أو القناصة الذين يطلقون النار عن بعد.

وأضاف أبو موسى وهو اسم حركي يستخدمه، وهو من السكان المحليين “أن مساعدة الحشد العشائري وبقية القوات الأمنية في المناطق ذات التضاريس المعقدة ومنها تلال حمرين مهمة وطنية رغم مخاطرها على حياته وحياة أسرته وأقاربه لأنه يقاتل تنظيما شرسا لا يتهاون في فعل أي شيء للانتقام ممن ينبذون أفكاره، فما بالك بمن يساعد القوات الأمنية والحشد العشائري في القضاء عليه”.

وأشار أبو موسى إلى أن “قضية اقتفاء الأثر لم تأت من فراغ، بل ناجمة عن خبرة تعود لأكثر من 30 سنة منذ نعومة أظفاره عندما كان يرعى قطيع الأغنام العائد لأسرته والتي كانت تتطلب منه الانتباه للارض لأن هناك اقدام حيوانات شرسة وأفاعي وأيضا اللصوص”.

من جانبه قال مقداد العزاوي وهو قائد مجموعة في الحشد العشائري: إن “مقتفي الأثر رغم قلتهم لكنهم يلعبون دورا كبيرا في المناطق المعقدة للغاية ومنها تلال حمرين والتي تمثل المعقل الأبرز لتنظيم داعش الارهابي كونها تضم وديانا وكهوفا وأنفاقا يستغلها الإرهابيون في الاختباء”.

وتابع العزاوي أن” مقتفي الأثر انقذوا أرواح الكثيرين لأنهم بالفعل سلاح بشري مؤثر”، مضيفا “في إحدى المرات أنقذنا مقتفو الأثر من كمين محكم ودفعونا للابتعاد عنه والالتفاف حول مسلحي داعش الارهابي وقتل اثنين منهم قبل 8 أشهر في عمق تلال حمرين، حيث لو أننا ذهبنا صوب الكمين لوقعت مجزرة بحقنا”.

أما صباح العبيدي وهو مقاتل في الحشد العشائري فقال: “قبل أسابيع كان معنا بعض مقتفي الأثر وكنا نبحث عن اثنين من رعاة الاغنام خطفهما تنظيم داعش في تلال حمرين”، لافتا إلى أن اثرا بسيطا كان الخيط الذي ساعدنا في الوصول إلى مضافة كبيرة لداعش والعثور على جثتي الرعاة بعدم مقتلهما من قبل التنظيم الإرهابي”.

وأضاف العبيدي أن” مقتفي الاثر ليس دليل لبيان أين هرب الدواعش بل لكشف العبوات الناسفة لأن عملية نصب الاخيرة تؤدي إلى بعثرة في الأرض ودفن أسلاك وهذا ما يلاحظه المقتفي وينبه إليه قبل أن يصل خبير المتفجرات ويبطل مفعولها”.

بدوره أقر عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ديالى عبد الخالق مدحت العزاوي بأهمية مقتفي الأثر وتأثيره الايجابي في دعم العمليات النوعية ضد الاهداف البعيدة خاصة في تلال حمرين وبقية المناطق التي تتميز بتضاريس معقدة للغاية.

وقال العزاوي، الذي يشرف على قوة من الحشد العشائري: إن “مقتفي الأثر سلاح نوعي في معركتنا ضد تنظيم داعش، ولا يمكن أن نقوم بأية عملية عسكرية من دون وجوده” مؤكدا أنه يساعد في كشف مكان هروب عناصر التنظيم، ومتى هربوا والاتجاه الذي توجهوا اليه وكم عددهم من خلال قراءة الآثار الموجودة على الأرض”.

وأشار العزاوي إلى أن “مقتفي الأثر أناس بسطاء أغلبهم من سكنة المناطق التي تنتشر فيها خلايا تنظيم داعش الارهابي وهم يتعاونون بشكل كبير مع القوات الأمنية من أجل إنهاء خطورة التنظيم المتطرف الذي قتل الكثير من الأبرياء وعاثوا في الأرض فسادا”.

شاهد أيضاً

أجواء من “عمق الشتاء” والتجمعات المائية ستتجمد.. متى تنتهي الكتلة الباردة في العراق؟

تشير خرائط الطقس الى تعمق الكتلة الهوائية “السيبيرية” في أجواء العراق مما يؤدي لانخفاض متزايد بدرجات الحرارة، حيث يُعد …

error: Content is protected !!