بغداد – سمير محمد
منذ العام 2003 ومشكلة البطاقة التموينية، لم تجد حلا لدى صناع القرار؛ فبين الشلل الاقتصادي العام والفساد المسيطر على اركان وزارة التجارة، ومفاصل الدولة عموما، يقع المواطنون من ذوي الدخل المحدود والطبقة العاملة، في مأزق تدبير لقمة العيش.
ولم يجد المواطن في سلته الغذائية الشهرية، من مادة سوى الطحين، بينما يمنح لحصة واحدة أو حصتين وربما ثلاث، خلال العام، مادتي الرز والزيت النباتي.
ويستورد العراق 5.5 ملايين طن سنوياً من الحنطة والرز لسد العجز الحاصل في تأمين مفردات البطاقة التموينية من المزارع العراقية، حسب بيان لوزارة التجارة.
المسؤولون الحكوميون لم يؤشروا الخلل في ذلك، حتى الان، برغم صرف المليارات المستمر.
وكانت وزارة التجارة، أقرّت الاثنين الماضي، انها تحقق، من خلال القسم القانوني في الوزارة، في شبهات فساد، يشوب عمل الشركات التابعة لها.
وبحسب لجنة الاقتصاد النيابية، فإن “جهات متنفذة تتحكم بتجارة الأغذية الرئيسة في العراق خصوصاً الطحين الأبيض، إذ تصل كلفة الاستيراد السنوي إلى 1.3 بليون دولار، في حين لا تتخطى كلفة تصنيعه محلياً ربع هذا المبلغ”.
ويقول عضو اللجنة النائب جواد البولاني، ان المعلومات التي توافرت لدى لجنته، فإن تركيا “نصبت مطحنتين في مدينة مرسين تنتج ألف طن يومياً، وتستورد الحنطة الروسية بعد موسمها بسعر 100 دولار للطن، وتصنّعه وتصدره للعراق بـ600 دولار للطن”.
لكن وزير التجارة وكالة سلمان الجميلي، يقول إن وزارته تواجه مشاكل ترتبط بالحبوب والمطاحن؛ إذ يقع معظم المخازن في المناطق الشمالية، بينما يصعب إنشاء صوامع في شكل سريع في المناطق الوسطى والجنوبية.
ولفت أيضا إلى أن تلك “الموجودة لا تكفي لنصف إنتاج العراق، وعملية التعاقد لتأمين الحبوب مقيّدة بشروط يجب الالتزام بها، ما يربك عملنا”.
ويخطط العراق لتحقيق الاكتفاء الذاتي من محاصيل زراعية استراتيجية، نهاية العام 2018.
وأخيرا، استعانت الامانة العامة لمجلس الوزراء، بالأمم المتحدة، لعمل دراسة وافية، في محاولة منها لاستعادة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الداخلة في حصة البطاقة التموينية، التي تشرف عليها وزارة التجارة.
وأعلنت الأمانة، الثلاثاء، تشكيل هيئة استشارية لإدارة ملف الامن الغذائي في العراق، بالتعاون مع المنظمات الأممية ذات العلاقة.وقال بيان صحفي للأمانة العامة لمجلس الوزراء إن الأمين العام لمجلس الوزراء مهدي العلاق، بحث مع ممثلي برنامجي الأغذية العالمي، والأمم المتحدة الإنمائي، والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة في العراق، خطة تنفيذ مراجعة استراتيجية للأمن الغذائي والتغذية في العراق.وأكد العلاق، بحسب البيان، خلال اللقاء على “أهمية اجراء تحليل شامل للأمن الغذائي الحالي، وتقييم مديات انجاز المشاريع المتعلقة بضمان الامن الغذائي في البلاد لتحقيق التنمية المستدامة”، لافتاً الى ان “الامن الغذائي محورا أساسيا في استراتيجية التخفيف من الفقر التي أطلقتها الحكومة في 4 شباط الجاري”.
واشار البيان الى، ان “الاجتماع خلص الى تشكيل هيئة استشارية من الجهات الحكومية ذات العلاقة والساندة والمنظمتين الأمميتين لإدارة ملف الامن الغذائي، وإعادة النظر بالبحوث القديمة واعتمادها كنقطة أساسية في المسوحات التي سيجريها الفريق”.
وتنوي أمانة مجلس الوزراء، تحويل ملف تأمين مفردات البطاقة التموينية، من وزارة التجارة الى القطاع الخاص.
لكن هناك تخوف بعض المختصين الاقتصاديين من خصخصة التموين الغذائي، فهم يعتقدون انه سيكون بابا اخر للفساد وزيادة الاسعار في الاسواق المحلية.
وتقول الدكتورة سلام سميسم، الخبيرة الاقتصادية ان “مشروع تحويل البطاقة التموينية إلى القطاع الخاص طرحته الحكومة منذ عام 2008، لكنها لم تنفذه لعدة أسباب في وقتها”، مؤكدة ان “الحكومة فشلت في إدارة ملف البطاقة التموينية، من ناحية توفير مفردات البطاقة أو التحقيق بالفضائح التي انتشرت بسبب المواد الفاسدة وغير الصالحة للاستخدام البشري”.
وأضافت انه “في حال تطبيق هذا المشروع، هناك سؤال هل تستطيع الحكومة السيطرة على عدم ارتفاع أسعار المواد الغذائية بعد تجهيز البطاقة التموينية من قبل شركات أهلية؟ هل تضمن عدم وجود صفقات فساد بالتعاقد مع القطاع الخاص؟”.
وتشير هنا الى، ان صفقة السكر الفاسد والرز الفاسد، جهزته شركة من القطاع الخاص “وهذه الشركة لها ارتباط باللجان الاقتصادية المرتبطة بالأحزاب السياسية”.