ملائكة الرحمة بلا عيد.. الممرضة كلادس: عشقي للمهنة جعلني اتعامل مع الألم واشعر به

بغداد / صوتها

فراشات يتجمعن حول المريض يسهرن على خدمته وراحته يقدمن كل ما يستطعنه تقديمه صبورات مبتسمات حريصات يتعاملنه بمهنية عالية ويطمئنَ اهالي المرضى على صحتهم ويبكينه لبكائهم هذا ماقالته الممرضة كلادس ساوا من الطائفة المسيحية اشورية الاصل عن ما كانت عليه الممرضات في السابق، الان للاسف تغيرت هذه النظرة واصبحت النظرة الى الممرضه بانها لاتملك انسانية ولارحمة تتعامل بالمادة فقط ،عصبية المزاج متبرجة بشكل لايليق بالمهنة ولابالحالة التي تتعامل معها لا نقول الكل انما الدخلاء الذين جاؤوا الى هذه الوظيفة بهدف العيش وكسب المال، اتألم وابكي عندما اشاهد هذه الحالة لان عملنا وكما اطلقوا علينا بملائكة الرحمة يتطلب التعامل بانسانية ورحمة واعادة الثقة بنفس المريض وذويه وانه سيشفى ويصبح احسن من السابق ونحاول قدر المستطاع ان نساهم نحن الممرضات بدخول الفرحة والبهجة الى قلبه ليستعيد عافيته بشكل اسرع، عندما نقدم له وردة من حديقة المستشفى او قطعة كيك عملناها نحن في المنزل او قطعة شوكلاته صغيرة ، هذه الاشياء تبهج الموجوع ومجرد احساسه ان هناك من يهتم ويسهر على راحته يشعر بطمئنينه وفرح، هذا ما تعلمناه من الماتيرات (رئيسة الممرضات) التي دربنَ على ذلك كانت الماتيرة شديدة وقاسية ليس لانها كذلك لكن تريد ان تجعلنا اكثر حرص ودقة بالتعامل مع الحالة.. الماتيرات هم من تدربوا على ايدي السسترات الانكليزيات في الخمسينيات واغلبهم كانوا في مستشفى المجيدية في بغداد .

سالتها كيف دخلتي عالم التمريض وهل كان هناك اعتراض من قبل الاهل ولماذا نشاهد اغلب الممراضات القديمات من الطائفة المسيحية؟ اجابت وهي مبتسمة .. عندما كنت في الرابع ابتدائي توعكت اختي الكبرى وعندما اخذناها الى الطبيب اخبرنا انها تعاني من الزائدة الدودية ويجب اجراء عملية لها, على الفور ادخلت اختي الى صالت العمليات وتمت العملية بسلام وعند خروجها من الصالة طلب مني الطبيب انب ابقي قدميها ثابتتين وان لاتحركهما عندما تفوق من البنج وفعلا سهرت اليل كله وانا اراقب وامسك بقدمي اختي حتى لاتتحرك، في ذلك الوقت كان عمري صغير لكن عقلي كبير كنت الاحظ ما يجري واحسست منذ هذه اللحظة بالشعور بالمسؤولية وحب المساعدة فعلاوه على سهري على اختي كنت اساعد كل من في القووش اي شخص يحاج مساعدة اركض لاقدم له اياها وكنت قلقة عليهم وخائفة ومتالمة لالمهم من هذه اللحظة نمت بداخلي فكرة ان اقوم بهذه العمل وامتهن هذه المهنه الجميلة الانسانية رغم صعوبتها لانها تحتاج الى سهر وصبر وتحمل مسؤولية كاملة اتجاه المريض الذي يكون امامها ومدارا، بعدها اكملت الثالث متوسط والتحقت بالتمريض في عام 1973، اما الاهل لم يعترضوا ابدا لدخولي هذا المجال الاانهم اخبروني انكِ صغيرة ولن تتحملي التعب وما تواجهيه من صعوبات ومشاهد ربما تكون مؤلمة او خطرة، هناك ثقة عالية متبادلة بين الاهل والابناء في السابق اكثر من الان, الحياة كانت بسيطة رغم الفقر لكن العوائل روابطها قوية مع الابناء الحلم والامل موجود الاب يعمل ويغيب عن البيت الام تتكفل بالتربيه والمتابعة والتوجيه.

اما بالنسبة الى امتهان المسيحيين الى هذه المهنه فهي مسالة نسبية وعندنا الاحساس المفرط بالواجب اتجاه الناس اياً كان دينه او مذهبه فنحن نتعامل مع روح ونفس سامية دون الرجوع الى هذه التسميات، كل صديقاتي من طبيبات وممرضات وعاملات خدمة كنا نعمل بحس ونفس واحد نابع من صميم قلب ابيض من ثيابنا البيضاء التي جاءت كدليل على النقاء والصفاء والحب وحتى الكاس الذي ترتديه الممرضه التاج الذي تضعه على الراس هو دليل على سمو هذه الوظيفة مثل الملكة .

لايوجد تعالي او حزازيات بيننا كلنا عائلة رغم الضوابط الصارمة بالزي ووضع المكياج والتبرج كلها كانت ممنوعة كلها ضمن حدود والمخالف يحاسب، مطلوب اتكيت بالتعامل والكلام والتفاني من اجل خدمة المريض.

كنا مجموعة من الممرضات انا وخالدة صليوة من زاخو وراهبة رحيم صابئية من اهالي العمارة وكانت عاملة الخدمة من اهالي الثورة اسمها حنوه في ليل الشتاء البارد وبعد والاطمئنان على المرضى والتاكد من سلامتهم نجلس قليلا في الغرفة والدنيا تمطر والبرد يخترق العظم تعمل لنا حنوه (جاي مهيل مخدر على الجولة)  مازال طعم الجاي ورائحة الجولة اتذكرهم واستذوقهم “الله شكد جانت الدنيا حلوة”.

كانت كلادس تحكي ودموعها لاتفارق عينيها الجميليتين لألم الذكريات وفراق اغلب الاحبة وايضا يؤلمها الدخلاء على المهنه الذين قتلت عندهم الانسانية واصبحت المادة هي من تتحكم بهم.

كانت الممرضه تقبل ان كانت خريجة ابتدائية او متوسطة او اعدادية وكانت لنا نقابة اطباء في المنصور ونحتفل من كل عام بعيد الممرضة لكن للاسف في العام 5/5/1989 عندما مات عدنا خير الله وكان نفس يوم عيد الممرضة بعض المتملقين اعتبر من غير اللائق ان نحتفل والبلد حزين على عدنان خيرلله وفعلا لم نحتفل بالعيد وبعدها لم نحتفل باي سنة من السنين بعيدنا لانه يصادف دورة السنة لعدنان خيرلله وليومنا هذا لم يعاد ولم يفكروا ان يهتموا بهذا الموضوع.

نتسائل ونستغرب لماذا لاتوجد نقابة مثل السابق للتمريض ولماذا لايعاد يوم اللمرضه وبالمناسبة هو عيد عالمي، للاسف نهمل بهذه الطريقة, كل شخص يشعره الاخرين بقيمته ويثنون على عطائه انا واثقة بانه سوف يبدع ويقدم كل ما يمكن تقديمه بالذات كوادر التمريض هذه الفئة تحتاج الى رعاية خاصه لانهم يتعاملون مع الألم فيحتاجون الى التفاته حقيقية من قبل المسؤولين حتى ضعاف النفوس ومن هم كما ذكرت دخلاء على المهنه عندما يشعرون بالاهتمام والتقدير سوف يراجع نفسه في الكثير من الامور التي تجرح سمو هذه المهنه.

 

شاهد أيضاً

العمل تنظم بازاراً خيرياً لدعم الشرائح الهشة في المجتمع

نظمت قسم المنظمات في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بازاراً خيرياً بالتعاون مع مؤسسة رواد الخير …

error: Content is protected !!