المساعدات الخارجية.. سلاح قوي لنجاح “أمريكا أولاً”

صوتها – بغداد

من خلال جملة من التغريدات التي أطلقها على مدار الأسابيع الأخيرة، هدد الرئيس الأمريكي ترامب بقطع المساعدات الأجنبية عن عدد من الدول في حال عارضت سياساته.

للوهلة الأولى، قد تبدو تلك التهديدات متطابقة مع شعاره “أمريكا أولاً”، ولكن الحقيقة، برأي سيندي هوانغ، كاتبة رأي في موقع “ذا هيل” الإخباري، يسيء هذا النهج لقيمة ودور المساعدات في السياسة الخارجية الأمريكية.

دور رئيسي

فعلى رغم من كون تلك المساعدات لا تمثل سوى أقل من 1٪ من إجمالي الميزانية الفيدرالية، تلعب استثمارات إنسانية وتنموية دوراً حيوياً في حماية الأمن القومي الأمريكي ومصالح الولايات المتحدة. ولكن هوانغ تقول إنه حتى لو كانت تلك التغريدات بمثابة استعراض على مسرح سياسي، ولا تعبر عن السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية، فقد يكون للتهديد بسحب مساعدات أجنبية نتائج ضارة على الولايات المتحدة.

بناء شراكة

وكبداية، تلفت الكاتبة، إلى أن الهدف الأساسي من المساعدات الخارجية هو بناء شراكات، وتعزيز التعاون للتصدي لتحديات عالمية طارئة حال ظهورها، وقبل أن تصل إلى سواحل أمريكا. وكمثال على ما تقوله، تذكر هوانغ كيف هدد وباء إيبولا عدداً من الدول في غرب أفريقيا، ولكنه شكل أيضاً تهديداً للولايات المتحدة. وبسبب مشاركة واشنطن في شراكات صحية وعالمية في المنطقة، وجراء المسارعة في إرسال عمال إغاثة، أمكن وقف انتشار الوباء قبل أن يعبر الحدود الأمريكية. وقد تؤثر تحديات عالمية كتلك لا على أفراد يقيمون في مناطق بعيدة، بل قد يكون لها أثر كبير على أمريكيين أيضاً.

مناطق هشة

كما ترى هوانغ أن سحب أمريكا مساعداتها الأجنبية، يجعل العالم أكثر خطورة بالنسبة للجميع، وتشير، كمثال على ذلك، إلى المساعدة المقدمة إلى فلسطينيين، حيث تساهم الولايات المتحدة في توفير مساعدة إنسانية أساسية للاجئين. وإن سحب تلك الموارد سيدفع، برأي الكاتبة، مزيداً من الأسر الفلسطينية للاعتماد على حماس، وبالتالي تمكين تنظيم متشدد تعارضه الولايات المتحدة بشدة. وعلاوة عليه، تلعب موارد التنمية الأمريكية دوراً أساسياً في بعض المناطق الهشة في العالم التي تحارب التطرف العنيف. وإن التوقف عن الوفاء بذلك الالتزام يضر بالأمن الدولي والأمريكي.

قوة ناعمة

إلى ذلك، تلفت الكاتبة إلى أن التهديد بسحب مساعدات أجنبية يؤثر على العلاقات الديبلوماسية مع الدول المستفيدة، فضلاً عن تقويض القوة الناعمة الأمريكية من حول العالم، ويؤدي لإعاقة جهود لدعم المصالح الأمريكية وللمشاركة في مباحثات دولية.

كما ستدفع تهديدات الرئيس ترامب، وحتى لو استمر تدفق المساعدات، دولاً مستفيدة منها للبحث عن شراكات موثوقة. وربما تتعارض سياسات الدول التي تملأ ذلك الفراغ، مع المواقف أو المصالح الأمريكية.

وللدلالة على صحة رأيها، تقول الكاتبة إن باكستان التي لمست مؤشرات على سحب المساعدات الأمريكية، قد أوحت بأن ذلك قد يعني إقامة تحالف أقوى مع الصين.

قرارات هامة

وبحسب هوانغ، مع تقدم قوى أخرى لملء فراغ أحدثه غياب الولايات المتحدة، سوف تفقد واشنطن مقعدها على طاولات المفاوضات، وعندها سوف تتخذ قرارات دولية هامة دون وجود أمريكيين أو من يمثل مصالحهم في المكان.

كما تخدم المساعدات الخارجية المصالح الاقتصادية والتجارية الأمريكية. فقد باعت شركات أمريكية، في عام 2015، أكثر من 51٪ من منتجاتها إلى مستهلكين في دول نامية. وعلى سبيل المثال، أصبحت كوريا الجنوبية، بعدما كانت من أول المستفيدين من المساعدة الأمريكية، من أكبر الأسواق المستوردة للمنتجات الأمريكية.

وهكذا عندما تنفذ المساعدات الاقتصادية بصورة سليمة، فإنها تعتبر بمثابة استثمار صغير ينتج عنه نمو اقتصادي، ويوفر ملايين المستهلكين الجدد لسلع أمريكية، ويقدم فرصاً جديدة لشركات أمريكية حول العالم.

شاهد أيضاً

وزارة العمل والبنك الدولي يناقشان التمكين الاقتصادي للمرأة

استقبلت وكيل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية السيدة هدى سجاد وفدا من البنك الدولي لمناقشة موضوعات …

error: Content is protected !!