صوتها – بغداد
صارت مواقع التواصل الاجتماعيّ في العراق، محطّة لتلاقي تجّار الأسلحة وزبائنهم، وتطوّرت الحال لتعرض في تلك المجموعات الإلكترونيّة أسلحة غير خفيفة، بل متوسّطة أيضاً.
وفي شهر كانون الأوّل أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي في منتصف شهر كانون الأول الماضي، حملة لحصر السلاح في يدّ الدولة، ولكن لا يبدو ذلك هيّناً في ظلّ توافر وجود الأسلحة في الأسواق العراقيّة، وخصوصاً تداولها بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ.
عندما أراد محمّد أكرم (27 عاماً) الحصول على قطعة سلاح، بحث عنها في مجموعات الـ”فيس بوك” الخاصّة ببيع الأسلحة، ولم ينتظر طويلاً، فبعد عمليّة بحث لم تدم سوى ساعة واحدة تمكّن من شراء قطعة سلاح “كلاشنيكوف” من مجموعة بيع السيّارات وشرائها. ورغم أنّ عنوانها بعيد جدّاً عن المتاجرة بالسلاح، لكنّها تروّج لعمليّات البيع والشراء.
وفي هذا السياق، قال أكرم، الذي يسكن في منطقة الحريّة – شماليّ بغداد: “نصحني الكثير من الناس بالدخول على الفيس بوك والبحث عن الأسلحة المعروضة للبيع، ولم أجد طريقة أخرى غير هذه لشراء السلاح. كثيرون يشترون السلاح من هذه الكروبات”.
ولا يكون ذلك بعيداً عن أنظار الجميع، بل يمكن للبعض الانضمام إلى تلك المجموعات والحديث إلى من يريد بيع السلاح. كما يمكن أن يعرض الجميع الأسلحة التي يريدون بيعها. وعادة، ما تكون تلك المجموعات مغلقة، وليست عامّة، ويحتاج الأشخاص الراغبون في الانضمام إليها إلى إرسال طلب لمدير المجموعة للموافقة عليه، ثمّ يتسنّى له رؤية العروض أو تقديم عرضه.
ورغم أنّ عمليّة تجارة الأسلحة في العراق غير قانونيّة ولا تستند لأيّ قرار أو قانون، إلاّ أنّها صارت رائجة في السنوات الأخيرة، خصوصاً في فترة دخول تنظيم “داعش” الإرهابي الى البلاد، وصار تجّارها يعلنون عنها في مواقع التواصل الاجتماعيّ.
وبحسب المتحدّث باسم وزارة الداخليّة العراقيّة سعد معن، فإنّ جهاز الاستخبارات في الوزارة يتابع هذه المجموعات بشكل مستمرّ، وتمكّن من اعتقال بعض من فيها، لكنّه لم يعلن عن عددهم الدقيق، وقال: “إنّ هذه المجموعات تلعب دوراً سلبيّاً في الوقوف بالضدّ من عمليّة حصر السلاح في يدّ الدولة العراقيّة، ولدينا في وزارة الداخليّة خطّة للتعامل معها”.
لا يقتصر بيع الأسلحة على المسدّسات أو الكلاشنيكوف، بل يتجاوز الأمر ذلك، فأحدهم عرض في مجموعة “الزعفرانيّة للبيع والشراء”، 3 قنابل هجوميّة بسعر 30 دولاراً للواحدة. وفي مجموعة “السوق البغداديّ لتجارة السلاح” عرض حساب غير معروف باسم “ضياء البغدادي” إعلاناً عن التجهيزات العسكريّة التي يمتلكها. وأعلن امتلاكه مخزن عتاد أسطوانيّا مصنوعا في روسيا، وكذلك قاذف رمّان وناظوراً مع ملحقاته.
بيع الأسلحة الخفيفة والمتوسّطة لم يعد خافياً على الحكومة العراقيّة، فهناك مراقبة كاملة من قبل الأجهزة الاستخباراتيّة العراقيّة لتلك المجموعات، وتمكّنت من اعتقال بعض المتاجرين بالأسلحة عبر المصادر والكمائن التي نُصبت لهم.
وقال مصدر أمنيّ غير مخوّل التصريح: “زرعنا منذ أكثر من عام مصادرنا وبعض عناصرنا داخل تلك المجموعات، وتمكّنا من اعتقال بعضهم. نراقبهم بشكل دقيق ونكثّف عملنا عليهم، خصوصاً الموجودين في العاصمة بغداد”.
ويستخدم بعض بائعي الأسلحة عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ عمليّة “النصب والاحتيال”، مثلما قال ذو الفقار موفّق (27 عاماً) وهو ناشط اجتماعيّ في منظّمة “تمّوز للتنمية الاجتماعيّة”.
وأشار ذو الفقار موفّق إلى أنّ “والده تعرّض لعمليّة احتيال عندما أقدم على شراء قطعة سلاح كلاشينكوف في كروب السوق البغدادي لتجارة السلاح، بعدما طلب منه الحضور ليلاً لإتمام عمليّة البيع. وبعد وصوله إلى مكان الشراء في سوق مريدي الشهيرة ببغداد وفي مكان مظلم، وجد أنّ قطعة السلاح التي بيعت له غير تلك التي عُرضت واتّفق عليها”. ولا يقتصر الأمر على بيع الأسلحة وشرائها، بل هناك عمليّة استبدال لقطع السلاح مقابل قطع أخرى، وتعرض تلك الأسلحة عادة في التعليقات التي تكون أسفل الصور المنشورة.
ولفت الخبير الأمنيّ فاضل أبو رغيف إلى أنّه حصل على معلومات من المؤسّسات الأمنيّة أنّها تنوي إطلاق “حملة جديدة قريباً لاعتقال أصحاب الكروبات التي تروّج لبيع السلاح إلكترونيّاً”.